(وقال) إبراهيم لقومه بعد الإنجاء من النار، ولم يحصل له منهم رعب ولا مهابة (إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم) أي للتودد بينكم والتواصل لاجتماعكم على عبادتها، وللخشية من ذهاب المودة فيما بينكم إن تركتم عبادتها، قرئ برفع مودة، وإضافتها إلى بينكم، وبالنصب منونة، ونصب بينكم على الظرفية (في الحياة الدنيا) أي ثم تنقطع ولا تنفع في الآخرة.
(ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض) أي يكفر بعض هؤلاء المتخذين للأوثان العابدين لها بالبعض الآخر منهم، فيتبرأ القادة من الأتباع والأتباع من القادة، وقيل: المعنى يتبرأ العابدون للأوثان من الأوثان، والأوثان من العابدين لها، يقولون، لا نعرفكم.
(ويلعن بعضكم بعضاً) أي كل فريق الآخر على التفسيرين المذكورين (ومأواكم النار) أي مأوى الكفار جميعاً، وقيل: يدخل في ذلك الأوثان (وما لكم من ناصرين) يخلصونكم منها بنصرتهم لكم.
(فآمن له) أي لإبراهيم (لوط) فصدقه في جميع ما جاء به، وقيل: إنه لم يؤمن به إلا حين رأى النار لا تحرقه، وكأن لوط ابن أخي إبراهيم هاران، وقيل: ابن أخته، والأول أولى قال ابن عباس: آمن أي: صدق برسالته.
(وقال إني مهاجر إلى ربي) قال النخعي، وقتادة: الذي قال إني مهاجر هو إبراهيم. قيل: هو أول من هاجر إلى الله وترك بلده، وسار إلى حيث أمره الله بالمهاجرة إليه، قيل: هاجر وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقال قتادة: هاجر من كوثى وهي قرية من سواد الكوفة إلى حران، ثم منها إلى فلسطين، وهي برية الشام، ثم إلى الشام ومعه ابن أخيه لوط، وامرأته سارة، وقد تزوجها ومن ثم قالوا: لكل نبي هجرة ولإبراهيم هجرتان، والمعنى إني مهاجر عن دار قومي إلى حيث أعبد ربي.


الصفحة التالية
Icon