الأولاد في غير أوانه وأخبر الله باستمرار النبوة فيهم، وذلك مما تقر به عينه، ويزداد به سروره. وقيل: أجره في الدنيا: إن أهل الملل كلها تدعيه، وتقول: هو منهم، ويثنون عليه الثناء الحسن، ويذكره أهل الإسلام في آخر كل تشهد إلى آخر الدهر، وقيل: أعطاه في الدنيا عملاً صالحاً، وعاقبة حسنة، وفيه دليل على أن الله تعالى قد يعطي الأجر في الدنيا. وعن ابن عباس قال: إن الله وصى أهل الأديان بدينه، فليس من أهل الأديان دين إلا وهم يقولون إبراهيم ويرضون به، وقال: أجر الدنيا الذكر الحسن، وقال أيضاً: الولد الصالح والثناء.
(وإنه في الآخرة لمن الصالحين) أي الكاملين في الصلاح المستحقين لتوفير الأجرة، وكثرة العطاء، والفوز بالدرجات العلا من الرب سبحانه
(و) اذكر (لوطاً) وقال الكسائي: المعنى وأنجينا لوطاً، أو أرسلنا لوطاً (إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) أي الخصلة المتناهية في القبح، وهي اللواطة قرئ بالاستفهام وبغيره.
(ما سبقكم بها من أحد من العالمين) الإنس والجن، مستأنفة مقررة لكمال قبح هذه الخصلة، وأنهم منفردون بذلك لم يسبق إلى عملها أحد من الناس على اختلاف أجناسهم قيل: لم ينز (١) ذكر على ذكر قبل قوم لوط من حيث إنها مما اشمأزت منه الطباع، وتحاشت عنه النفوس، حتى قدموا عليها لخبث طينتهم.
وهذه الآية دالة على وجوب الحد في اللواطة، لأنها اشتركت مع الزنا في كونها فاحشة، وقد قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة) هذا وإن كان قياساً إلا أن الجامع مستفاد من الآية، قاله الرازي، ثم بين سبحانه هذه الفاحشة فقال:
_________
(١) نزا ينزو نزواً ونزاء أي وثب. المطيعي.


الصفحة التالية
Icon