الآية هو الخذف، وعن ابن عباس مثله. وقيل: كانوا يتضارطون في مجالسهم قالته عائشة، وقيل: كانوا يأتون الرجال في مجالسهم، وبعضهم يرى بعضاً، وقيل: كانوا يلعبون بالحمام، وقيل: كانوا يناقرون بين الديكة ويناطحون بين الكباش وقيل: يبزق بعضهم على بعض، ويلعبون بالنرد والشطرنج، ويلبسون المصبغات، وكان من أخلاقهم مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء، وحل الإزار، والصفير، ولا مانع من أنهم كانوا يفعلون جميع هذه المنكرات، قال الزجاج: في هذا إعلام أنه لا ينبغي أن يتعاشر الناس على المنكر، وأن لا يجتمعوا على الهزء والمناهي، ولما أنكر لوط عليهم ما كانوا يفعلون أجابوا بما حكى الله عنهم بقوله:
(فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) أي: فما أجابوا بشيء إلا بهذا القول، رجوعاً منهم إلى التكذيب واللجاج والعناد، وقد تقدم الكلام على هذه الآية، وقد تقدم في سورة النمل (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم) وتقدم في الأعراف: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم) وقد جمع بين هذه الثلاثة المواضع بأن لوطاً كان ثابتاً على الإرشاد ومكرراً للنهي لهم، والوعيد عليهم، فقالوا له أولاً، إئتنا بعذاب الله، كما في هذه الآية.
فلما كثر منه ذلك ولم يسكت عنهم قالوا: أخرجوهم كما في الأعراف والنمل، وقيل: أنهم قالوا أولاً أخرجوهم من قريتكم؛ ثم قالوا ثانياً: إئتنا بعذاب الله، ثم إن لوطاً لما يئس منهم طلب النصرة عليهم من الله سبحانه.
(قال رب انصرني على القوم المفسدين) بإنزال عذابك عليهم، وتحقيق قولي: إن العذاب نازل بهم. وإفسادهم هو ما سبق من إتيان الرجال، وعمل المنكر في ناديهم، فاستجاب الله سبحانه دعاءه، وبعث لعذابهم ملائكة، وأمرهم بتبشير إبراهيم قبل عذابهم ولهذا قال:


الصفحة التالية
Icon