بها أي ظلم حيث حطوها عن رتبتها العالية، وسموها سحراً.
(وعلواً) استكباراً عن الإيمان بها كقوله تعالى والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها؛ وانتصابهما إما على العلة أي الحامل لهم على ذلك الظلم والعلو، أو على الحالية من فاعل جحدوا، أي جحدوا بها ظالمين لها مستكبرين عنها ويجوز أن يكونا نعت مصدر محذوف، أي جحدوا بها جحوداً ظلماً وعلواً.
قال أبو عبيدة: والباء في (وجحدوا بها) زائدة. وقال الزجاج: التقدير وجحدوا بها ظلماً وعلواً أي وتكبروا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى، وهم يعلمون أنها من عند الله.
(فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) أي تفكر يا محمد في ذلك فإن فيه معتبراً للمعتبرين، وقد كان عاقبة أمرهم الإغراق لهم هنا في البحر، على تلك الصفة الهائلة، والإحراق ثمة، وإنما لم يذكر تنبيهاً على أنه عرضة لكل ناظر مشهور فيما بين كل باد وحاضر. ولما فرغ سبحانه من قصة موسى، شرع في قصة داود وابنه سليمان، وهذه القصة وما قبلها وما بعدها، هي كالبيان والتقرير لقوله: (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) فقال:
(ولقد آتينا) أي أعطينا (داود وسليمان) ابنه (علماً) التنوين إما للنوع أي طائفة من العلم، أو للتعظيم، أي علماً كثيراً، قيل: المراد علم الدين والحكم، وقيل: علم القضاء والسياسة، وقيل: علم داود تسبيح الطير، وعلم سليمان منطق الطير والدواب.
وكان لداود تسعة عشر ولداً، سليمان واحد منهم، وعاش داود مائة سنة وبينه وبين موسى (١) خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، وعاش سليمان
_________
(١) ليس في القرآن ولا في السنة دليل على هذا التحديد التاريخي وبالرجوع إلى التواريخ الإسرائيلية لوحظ أنه ينقصه التحقيق؛ فهو لا يتفق مع أي حساب. المطيعي.