قال سهل: إذا ظهرت المعاصي والبدع في أرض فأخرجوا منها إلى أرض المطيعين، قلت وأنى لنا هذا اليوم؟ ولو علمنا أرضاً طائعة على وجه البسيطة على حسب ما نطق به الكتاب والسنة أو ما ذهب إليه فقهاء الأمة لخرجنا إليها إن شاء الله تعالى، ولكن كم من أمنية ضاعت فإنا لله وإنا إليه راجعون، وروي مرفوعاً: من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجب الجنة، ولينظر في سنده وتخريجه، وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة.
(فإياي فاعبدون) حتى أورثكموها، وانتصاب إياي بفعل مضمر، أي: فاعبدوا إياي، ثم لما صعب على المؤمنين ترك الأوطان، ومفارقة الإخوان، خوفهم سبحانه بالموت ليهون عليهم أمر الهجرة، وشجع المهاجرين لئلا يقيموا بدار الشرك خوفاً من الموت فقال:
(كل نفس) من النفوس (ذائقة الموت) أي: واجدة مرارة الموت وكربه ومشاقه لا محالة كما يجد الذائق طعم المذوق فلا يصعب عليكم ترك الأوطان ومفارقة الإخوان، وهجر الخلان، بل الأولى أن يكون ذلك في سبيل الله فيجازيكم عليه، فلا تخافوا من بعد الشقة ومقاساة المشقة (ثم إلينا) لا إلى غيرنا.
(ترجعون) بالموت والبعث إلينا فكل حي في سفر إلى دار القرار، وإن طال لبثه في هذه الدار.
عن عليّ قال: قال رسول الله - ﷺ - لما نزلت: (إنك ميت وإنهم ميتون) قلت: يا رب أيموت الخلائق كلهم ويبقى الأنبياء؟ فنزلت كل نفس ذائقة الموت، الآية أخرجه ابن مردويه، وينظر كيف صحته؟ فإن النبي - ﷺ - بعد أن يسمع قول الله سبحانه: (إنك ميت وإنهم ميتون) يعلم أنه ميت، وقد علم أن من قبله من الأنبياء قد ماتوا، وأنه خاتم الأنبياء، فكيف ينشأ عن هذه الآية ما نقل عنه علي رضي الله عنه من قوله أيموت الخلائق ويبقى الأنبياء؟ فلعل هذه الرواية لا تصح مرفوعة ولا موقوفة.


الصفحة التالية
Icon