أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (١٠) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢)
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا) الاستفهام للتقريع والتوبيخ لعدم تفكرهم في الآثار وتأملهم لمواقع الاعتبار، والمعنى أنهم قد ساروا وشاهدوا (كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) من طوائف الكفار والأمم الذين أهلكوا بسبب كفرهم بالله، وجحودهم للحق، وتكذيبهم للرسل.
(كانوا أشد منهم قوة) كعاد وثمود، والجملة مبينة للكيفية التي كانوا عليها وأنهم أقدر من كفار مكة ومن تابعهم على الأمور الدنيوية؛ وقال ابن عمر: كان الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل، أخرجه ابن مردويه (وأثاروا الأرض) أي حرثوها وقلبوها للزراعة، وزاولوا أسباب ذلك، ولم يكن أهل مكة أهل حرث.
(وعمروها) عمارة (أكثر مما عمروها) لأن أولئك كانوا أطول منهم أعماراً وأقوى أجساماً، وأكثر تحصيلاً لأسباب المعاش، فعمروا الأرض بالأبنية والزراعة والغرس (وجاءتهم رسلهم بالبينات) أي: المعجزات والحجج الظاهرات وقيل: بالأحكام الشرعية (فما كان الله ليظلمهم) بتعذيبهم على غير ذنب، وإهلاكهم بغير جرم (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بالكفر والتكذيب للرسل.


الصفحة التالية
Icon