(ثم كان عاقبة الذين أساءوا) أي: عملوا السيئات من الشرك والمعاصي (السُّوأَى) هي فعلى من السوء تأنيث الأسوأ، وهو الأقبح، أي كان عاقبتهم العقوبة التي هي أسوأ العقوبات. وقيل: هي اسم لجهنم كما أن الحسنى اسم للجنة، أو مصدر كاليسرى، والذكرى، وصفت به العقوبة مبالغة، وقرئ عاقبة بالرفع على أنها اسم كان، والخبر السوأى، أي الفعلة أو الخصلة أو العقوبة السوأى، ومن القائلين بأن السوأى جهنم، الفراء والزجاج وابن قتيبة، وأكثر المفسرين. وسميت سوأى لأنها تسوء صاحبها.
(أن كذبوا) أي: لأن كذبوا (بآيات الله) التي أنزلها على رسوله، أو بأن كذبوا، قال الزجاج: المعنى ثم كان عاقبة الذين أشركوا تكذيبهم بآيات الله واستهزاؤهم بها (وكانوا بها يستهزئون) عطف على كذبوا، داخل معه في حكم العلية أو في حكم الاسمية لكان أو الخبرية لهما.
(الله يبدأ الخلق ثم يعيده) أي يخلقهم أولاً ثم يعيدهم بعد الموت أحياء كما كانوا (ثم إليه ترجعون) أي إلى موقف الحساب؛ فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وأفرد الضمير في (يعيده) باعتبار لفظ الخلق وجمعه في (ترجعون) باعتبار معناه وقرئ يرجعون بالتحتية والفوقية على الخطاب والالتفات المؤذن بالمبالغة.
(ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) قرئ يبلس على البناء للفاعل يقال: أبلس الرجل إذا سكت، وانقطعت حجته؛ فهو قاصر لا يتعدى، قال الفراء والزجاج: المبلس الساكت المنقطع في حجته، الذي أيس أن يهتدي إليها، وقرئ مبنياً للمفعول، وفيه بعد، لأن أبلس لا يتعدى وقال الكلبي: أي يأس المشركون من كل خير حين عاينوا العذاب، وقدمنا تفسير الإبلاس عند قوله: فإذا هم مبلسون، وقال ابن عباس: يبلس يبتئس، وعنه يكتئب وعنه الإبلاس الفضيحة.


الصفحة التالية
Icon