وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (٢٢)
(ومن آياته) الباهرة الدالة على البعث، وذكر لفظ من آياته ست مرات، تنتهي عند قوله: إذا أنتم تخرجون. ذكر فيها بدء خلق الإنسان آية آية، إلى حين بعثه من القبور، وختم هذه الآية بقيام السماوات والأرض لكونه من العوارض اللازمة، لأن كُلاًّ من السماء والأرض لا يخرج عن مكانه فيتعجب من وقوف الأرض، وعدم نزولها، ومن علو السماء وثباتها بغير عمد، ثم أتبع ذلك بالنشأة الآخرة، وهي الخروج من الأرض، وذكر من الأنفس أمرين: خلقكم وخلق لكم من أنفسكم، وذكر من الآفاق السماء والأرض وذكر من لوازم الإنسان اختلاف الألسنة واختلاف اللون، وذكر من عوارضه المنام والابتغاء، ومن عوارض الآفاق البرق والمطر ومن لوازمهما قيام السماء وقيام الأرض كذا في النهر، فجملة ما يتعلق بالنوع الإنساني ستة أشياء: اثنان أصول، واثنان لوازم، واثنان عوارض، وستة متعلقة بالآفاق: اثنان أصول، واثنان لوازم واثنان عوارض.
(أن خلقكم) أي خلق أباكم آدم (من تراب) وخلقكم في ضمن خلقه، لأن الفرع مستمد من الأصل، ومأخوذ منه، وقد مضى تفسير هذا في الأنعام.
(ثم إذا أنتم بشر) الترتيب والمهلة هنا ظاهران، فإنهم إنما يصيرون بشراً بعد أطوار كثيرة و (إذا) هي الفجائية وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء، لكنها وقعت هنا بعد ثم بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة، وهي أطوار الإنسان كما حكاه الله في مواضع من كونه نطفة، ثم علقة، ثم


الصفحة التالية
Icon