مضغة، ثم عظماً مكسواً لحماً فاجأ البشرية والانتشار (تنتشرون) أي تنصرفون فيما هو قوام معايشكم، وتنبسطون في الأرض.
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم) أي من جنسكم في البشرية والإنسانية (أزواجاً) وقيل: المراد حواء فإنه خلقها من ضلع آدم، والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال ونطف النساء (لتسكنوا) أي: تألفوا وتميلوا (إليها) أي إلى الأزواج فإن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ولا يميل قلبه إليه.
(وجعل بينكم مودة ورحمة) أي: وداداً وترحماً بسبب عصمة النكاح يعطف به بعضكم على بعض من غير أن يكون بينكم من قبل ذلك معرفة فضلاً عن مودة ورحمة، وقال مجاهد: المودة الجماع، والرحمة الولد، وبه قال الحسن وابن عباس، وقال السدي: المودة المحبة، والرحمة: الشفقة وقيل: المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها من أن يصيبها بسوء وقيل: المودة للشابة، والرحمة: للعجوز وقيل: المودة والرحمة من الله والفرك من الشيطان، أي بغض المرأة زوجها وبغض الزوج المرأة.
(إن في ذلك) المذكور سابقاً (لآيات) عظيمة الشأن بديعة البيان واضحة البرهان على قدرته سبحانه على البعث والنشور (لقوم يتفكرون) أن قوام الدنيا بوجود التناسل، لأنهم الذين يقتدرون على الاستدلال لكون التفكر مادة له، يتحصل عنه، أو لأن الفكر يؤدي إلى الوقوف على المعاني المطلوبة من التأنس والتجانس بين الأشياء كالزوجين وأما الغافلون عن التفكر فما هم إلا كالأنعام.
(ومن آياته) الدالة على أمر البعث، وما يتلوه من الجزاء (خلق السماوات والأرض) فإن من خلق هذه الأجرام العظيمة بلا مادة مساعدة لها وجعلها باقية ما دامت هذه الدار، وخلق فيها من عجائب الصنع وغرائب التكوين، ما هو عبرة للمعتبرين، قادر على أن يخلقكم بعد موتكم وينشركم