فيقفون على مراتبهم. قيل: كان في جنوده وزراء وهم النقباء، ترد أول العسكر على آخره، لئلا يتقدموا في السير. يقال: وزعه يزعه وزعاً: كفه، فاتزع أي: انكف وأوزعه بالشيء أغراه به؛ واستوزعت الله شكره فأوزعني، أي استلهمته فألهمني، والوازع في الحرب الموكل بالصفوف، يزع من تقدم منهم أي يرده، وجمعه وزعة: وقيل: هو من التوزيع بمعنى التفريق، يقال: القوم أوزاع، أي طوائف.
وقال ابن عباس: يوزعون يدفعون. وعنه قال: لكل صف وزعة، ترد أولاها على آخرها، لئلا تتقدمها في السير كما يصنع الملوك وفي الآية دليل على اتخاذ الأئمة والحكام وزعة، يكفون الناس ويمنعونهم من تطاول بعضهم على بعض، إذ لا يمكن الحكام ذلك بأنفسهم. قال الحسن: لا بد للناس من وازع أي سلطان يكفهم.
(حتى إذا أتوا) حتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام؛ وتكون غاية لما قبلها والمعنى فهم يوزعون إلى حضور هذه الغاية، وهي إتيانهم (على وادي النمل) أي: فهم يسيرون ممنوعاً بعضهم من مفارقة بعض، حتى إذا أتوا على مكان فيه نمل كثير، وعدّى بـ (على) لأنهم كانوا محمولين على الريح، فهم مستعلون والمعنى أنهم قطعوا الوادي وبلغوا آخره، قال كعب: وادي النمل بالطائف.
وقال قتادة ومقاتل: هو بالشام، والنمل حيوان معروف شديد الإحساس والشم، حتى إنه يشم للشيء من بعيد، ويدخر قوته، ومن شدة إدراكه أنه يفلق الحبة فلقتين خوفاً من الإنبات ويفلق حبة الكسبرة أربع فلق، لأنها إذا فلقت فلقتين نبتت، ويأكل في عامه نصف ما جمع ويستبقي باقيه عدة.
ووقف القراء جميعهم على (واد) بدون ياء اتباعاً للرسم، حيث لم يحذف لالتقاء الساكنين، كقوله: الذين جابوا الصخر بالواد، إلا الكسائي، فإنه وقف بالياء، قال: لأن الموجب للحذف إنما هو التقاء الساكنين بالوصل.


الصفحة التالية
Icon