للمقيم. وقال الضحاك: خوفاً من الصواعق، وطمعاً في الغيث. وقال يحيى ابن سلام: خوفاً أن يكون البرق برقاً خلباً لا يمطر، وطمعاً أن يكون ممطراً (وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها) باليباس بأن تنبت.
(إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) فإن من له نصيب من العقل يعلم أن ذلك آية يستدل بها على القدرة الباهرة، كيف؟ والعقل ملاك الأمر. وهو المؤدي إلى العلم فيما ذكر وغيره، وإنما قال هنا: يعقلون، وفيما تقدم: يتفكرون، لأنه لما كان حدوث الولد من الوالد أمراً عادياً مطرداً قليل الاختلاف؛ كان يتطرق إلى الأوهام القاصرة أن ذلك بالطبيعة لأن المطرد أقرب إلى الطبيعة من المختلف، والبرق والمطر ليس أمراً مطرداً غير مختلف بل يختلف إذ يقع ببلدة دون بلدة، وفي وقت دون وقت، وتارة يكون قوياً وتارة يكون ضعيفاً فهو أظهر في العقل دلالة على الفاعل المختار. فقال: هو آية لمن له عقل وإن لم يتفكر تفكراً تاماً، قاله الكرخي.
(ومن آياته أن تقوم السماء والأرض) هذا شروع في بيان بقائهما وثباتهما بعد بيان إيجادهما في قوله: ومن آياته خلق السماوات والأرض، وأظهر كلمة (أن) هنا التي هي علم الاستقبال لأن القيام هنا يعني البقاء لا الإيجاد، وهو مستقبل باعتبار أواخره وما بعد نزول هذه الآيات.
(بأمره) أي: قيامهما واستمساكهما بإرادته سبحانه، وقدرته بلا عمد يعمدهما، ولا مستقر يستقران عليه. قال الفراء: يقول أن تدوما قائمتين بأمره، وإنما ذكر قوله: إن في ذلك لآيات، في أربع مواضع، ولم يذكره في الأول، وهو قوله: ومن آياته أن خلقكم من تراب، ولا في الأخيرة وهي هذا لأن في الأول خلق الأنفس وخلق الأزواج من باب واحد، وهو الإيجاد فاكتفى فيهما بذكره مرة واحدة. وأما قيام السماوات والأرض الذي هو الأخير فلأن في