بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)
(بل اتبع الذين ظلموا) بالإشراك، وفيه الإضراب مع الالتفات وأقيم الظاهر مقام الضمير للتسجيل عليهم بوصف الظلم (أهواءهم بغير علم) أي: لم يعقلوا الآيات بل اتبعوا أهواءهم الزائغة، وآراءهم الفاسدة الزائفة، والمعنى جاهلين بأنهم على ضلالة.
(فمن يهدي من أضل الله) أي: لا أحد يقدر على هدايته، لأن الرشاد والهداية بتقدير الله وإرادته (وما لهم) أي: ما لهؤلاء الذين أضلهم الله، والجمع باعتبار معنى من (من ناصرين) ينصرونهم، ويحولون بينهم وبين عذاب الله سبحانه؛ ثم أمر رسول الله - ﷺ - بتوحيده وعبادته كما أمره فقال:
(فأقم وجهك للدين حنيفاً) شبه الإقبال على الدين بتقويم وجهه إليه، وإقباله عليه، أي مائلاً إليه مستقيماً عليه غير ملتفت إلى غيره من الأديان الباطلة فإن من اهتم بالشيء عند عليه طرفه وسدد إليه نظره، وقوم له وجهه مقبلاً عليه.