عليها. لا تبديل لها من جهة الخالق سبحانه، أو تعليل لوجوب الامتثال له، أي لا صحة ولا استقامة لتبديله بالإخلال بموجبه، وعدم ترتيب مقتضاه عليه باتباع الهوى، وقبول وسوسة الشياطين.
وقيل: لا يقدر أحد أن يغيره، فلا بد حينئذ من حمل التبديل على تبديل نفس الفطرة بإزالتها رأساً، ووضع فطرة أخرى مكانها غير مصححة لقبول الحق، والتمكن من إدراكه ضرورة أن التبديل بالمعنى الأول مقدور، بل واقع قطعاً، فالتعليل حينئذ من جهة أن سلامة الفطرة متحققة في كل أحد، فلا بد من لزومها بترتيب مقتضاها عليها وعدم الإخلال به بما ذكر من اتباع الهوى، وخطوات الشيطان، ذكره أبو السعود.
وقيل: هو نفي؛ معناه: النهي. أي: لا تبدلوا خلق الله، قال مجاهد وإبراهيم النخعي: معناه لا تبديل لدين الله، قال قتادة، وابن جبير، والضحاك، وابن زيد: هذا في المعتقدات، وقال عكرمة: إن المعنى لا تغيير لخلق الله في البهائم، بأن تخصى فحولها. وقيل: لا تبدلوا التوحيد بالشرك، والسنة بالبدعة، وقيل: لا تبديل لما جبل عليه الإنسان من السعادة والشقاوة، فلا يصير السعيد شقياً، ولا الشقي سعيداً.
(ذلك) الدين المأمور بإقامة الوجه له هو (الدين القيم) أو لزوم الفطرة هو الدين القيم، أي: المستقيم. وقال ابن عباس: الدين: القضاء (ولكن أكثر الناس) أي: كفار مكة (لا يعلمون) ذلك حتى يفعلوه ويعملوا به.
(منيبين) أي: راجعين (إليه) بالتوبة والإخلاص، ومطيعين له في أوامره ونواهيه. قال الجوهري: أناب إليّ أي: أقبل وتاب. قال الفراء: فأقم وجهك. ومن معك، منيبين، وكذا قال الزجاج. وقال تقديره: فأقم وجهك وأمتك، فالحال من الجميع، وقيل: كونوا منيبين إليه، لدلالة ولا تكونوا من المشركين، على ذلك، ثم أمرهم سبحانه بالتقوى بعد أمرهم


الصفحة التالية
Icon