لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨)
(ليكفروا بما آتيناهم) أي بنعمة الله عليهم، واللام لام كي، وقيل: لام الأمر لقصد الوعيد والتهديد، وقيل: هي لام العاقبة التي تقتضي المهلة، سميت لام المآل، والشرك والكفران متقارنان، لا مهلة بينهما، ثم خاطب سبحانه هؤلاء الذين وقع منهم ما وقع فقال: (فتمتعوا) أريد به التهديد أيضاً، وفيه التفات عن الغيبة إلى الخطاب لأجل المبالغة في زجرهم، وقرئ فتمتعوا على الخطاب، وبالتحتية على البناء للمفعول؛ وفي مصحف ابن مسعود: فليتمتعوا (فسوف تعلمون) ما يتعقب هذا التمتع الزائل من العذاب الأليم.
(أم أنزلنا عليهم سلطاناً) أم، هي المنقطعة، والاستفهام للإنكار، على مذهب الكوفيين، ومذهب البصريين أنها بمعنى بل والهمزة. والسلطان: الحجة الظاهرة، وفيه التفات عن الخطاب إلى الغيبة للإيذان بالإعراض عنهم وبعدهم عن ساحة الخطاب، قال الفراء: إن العرب تؤنث السلطان، يقولون: قضت به عليك السلطان، فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح، وجاء به القرآن، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة، وقيل: المراد بالسلطان هنا: الملك.
(فهو يتكلم) أي يدل، كما في قوله: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) وهو في حيز النفي المستفاد من أم (بما كانوا يشركون) أي ينطق بإشراكهم


الصفحة التالية
Icon