والمراد الإحسان إليهم بالصدقة والصلة والبر سواء كانوا في مخمصة أولم يكونوا وقيل فيه دليل على وجوب النفقة للمحارم (وبه قالت الحنفية، وعدم ذكر بقية الأصناف المستحقين للزكاة يدل على أن ذلك في صدقة التطوع) وقاس الشافعي سائر الأقارب ما عدا الفروع والأصول على ابن العم، لأنه لا ولادة بينهم، ولا يصح حمل الصدقة على الواجبة وهي الزكاة لأن السورة مكية، والزكاة ما فرضت إلا في السنة الثانية من الهجرة بالمدينة وللقريب الفقير في مال قريبه الغني حق واجب، وبه قال مجاهد وقتادة، قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاج وقيل: المراد بالقربى: النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال القرطبي: والأول أصح، فإن حقهم مبين في كتاب الله عز وجل في قوله (فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) وقال الحسن: إن الأمر في إيتاء ذي القرب للندب.
(والمسكين وابن السبيل) أي آتهما حقهما الذي يستحقانه، ووجه تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر أنهم أولى من سائر الأصناف، ولكون ذلك واجباً لهم على كل من له مال فاضل عن كفايته وكفاية من يعول، سواء كان زكوياً أو لم يكن، وسواء كان قبل الحول أو بعده، لأن المقصود هنا الشفقة العامة وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم، وإن لم يكن للإنسان مال زائد، والفقير داخل في المسكين، لأن من أوصى للمساكين بشيء يصرف إلى الفقراء أيضاً وإذا نظرت إلى الباقين من الأصناف، رأيتهم لا يجب صرف المال إليهم إلا على الذين وجبت الزكاة عليهم، وأما المسكين فحاجته ليست مختصة بموضع فقدم على من حاجته مختصة بموضع دون موضع قال مقاتل: حق المسكين أن يتصدق عليه، وحق ابن السبيل الضيافة، وقد اختلف في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة فقيل: هي منسوخة بآية المواريث، وقيل محكمة.
(ذلك خير للذين يريدون وجه الله) أي ذلك الإيتاء أفضل من الإمساك لمن يريد التقرب إلى الله سبحانه، ويقصد بمعروفه إياه خالصاً (وأولئك هم المفلحون) أي الفائزون بمطلوبهم حيث أنفقوا لوجه الله امتثالاً لأمره.


الصفحة التالية
Icon