بسبب ذنوبهم، كالقحط وكثرة الخوف، والموتان ونقصان الزرائع والثمار، وكثرة الحرق والغرق ومحق البركات من كل شيء، والبر والبحر هما المعروفان المشهوران.
وقيل: البر الفيافي، والبحر القرى التي على ماء، قاله عكرمة، والعرب تسمي الأمصار البحار. قال مجاهد: البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر، والبحر ما كان على شط نهر، وعن ابن عباس نحوه، والأول أولى، ويكون معنى البر مدن البر، ومعنى البحر مدن البحر، وما يتصل بالمدن من مزارعها ومراعيها.
(بما كسبت أيدي الناس) من المعاصي والذنوب، والباء للسببية وأما (ما) موصولة أو مصدرية (ليذيقهم بعض الذي عملوا) اللام للعلة، أي: ليذيقهم بعض عقوبة عملهم، أو جزاء بعض عملهم في الدنيا، قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة. وقيل: للصيرورة، قرئ بالياء وبنون العظمة (لعلهم يرجعون) عما هم فيه من المعاصي، ويتوبون إلى الله، قال ابن عباس: يرجعون من الذنوب. ولما بيَّن سبحانه ظهور الفساد فيهما بما كسبت أيدي المشركين والعصاة بين لهم ضلال أمثالهم من أهل الزمن الأول فقال:
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل) أمرهم بأن يسيروا لينظروا آثارهم، ويشاهدوا كيف كانت عاقبتهم. فإن منازلهم خاوية وأراضيهم مقفرة موحشة، كعاد وثمود ونحوهم من طوائف الكفار (كان أكثرهم مشركين) مستأنفة لبيان الحالة التي كانوا عليها، وإيضاح السبب الذي صارت عاقبتهم به إلى ما صارت إليه، وهو فشو الشرك والعصيان فيما بينهم، أو كان الشرك في أكثرهم وما دونه من المعاصي في قليل منهم.


الصفحة التالية
Icon