فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٤٥) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)
(فأقم) خطاب للنبي - ﷺ -، وأمته أسوته فيه، كأن المعنى: إذاً قد ظهر الفساد بالسبب المتقدم فأقم (وجهك) يا محمد (للدين القيم) قال الزجاج: اجعل جهتك اتباع الدين القيم البليغ الاستقامة، الذي لا يتأتى فيه عوج وهو الإسلام. وقيل: المعنى: أوضح الحق وبالغ في الإعذار، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم. قاله القرطبي.
(من قبل أن يأتي يوم) يعني يوم القيامة (لا مرد له من الله) المرد مصدر، رد، أي لا يقدر أحد على أن يرده كقوله: لا يستطيعون ردها فلا بد من وقوعه، وقيل: المعنى لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه، قاله أبو السعود (يومئذ) أي: يوم إذ يأتي هذا اليوم.
(يصدعون) أصله يتصدعون، والتصدع: التفرق، يقال: تصدع القوم، إذا تفرقوا، ومنه قول الشاعر (١):
وكنا كندماني حذيمة حقبة | من الدهر حتى قيل لن يتصدعا |
(١) الشاعر هو متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكاً الذي قتل في حروب الردة والبيت الذي يليه:
فلما تفرقنا كأني ومالكاً | لطول اجتماع لم نبت ليلة معاً. المطيعي |