وفي المصباح: صدعته صدعاً من باب نفع؛ شققته فانصدع. وصدعت القوم صدعاً فتصدعوا. أي: فرقتهم فتفرقوا، وقوله: فاصدع بما تؤمر، قيل: مأخوذ من هذا، أي: شق جماعاتهم بالتوحيد، وقيل: افرق بذلك بين الحق والباطل. وقيل: أظهر ذلك، وصدعت بالحق: تكلمت به جهاراً، وصدعت الفلاة: قطعتها، والمراد بتفرقهم أن أهل الجنة يصيرون إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، ثم فصل سبحانه المتصدعين بقوله:
(من كفر فعليه كفره) أي: جزاء كفره ووباله وهو النار (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) أي: يوطئون لأنفسهم منازل في الجنة بالعمل الصالح والمهاد: الفراش، وقد تقول مهدت الفراش مهداً إذا بسطته ووطأته، فجعل الأعمال الصالحة التي هي سبب لدخول الجنة كبناء المنازل في الجنة وفرشها، وقيل: المعنى: فعلى أنفسهم يشفقون، من قولهم يا المشفق أم فرشت فأنامت، وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص، وقال مجاهد: فلأنفسهم يمهدون، في القبر، أي يوطئون الضاجع ويسوونها في القبور.
(ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله) والكافرين بعدله، متعلق بيصدعون أو يمهدون أي يتفرقون ليجزي الله المؤمنين بما يستحقونه، على أن ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر، ومنفعة الإيمان والعمل الصالح ترجع إلى المؤمن لا تجاوزه، أو يمهدون لأنفسهم بالأعمال الصالحة ليجزيهم. وقال ابن عطية: تقديره ذلك ليجزي، وتكون الإشارة إلى ما تقدم من قوله: من كفر ومن عمل. قال ابن عباس: ليثيبهم الله ثواباً أكثر من أعمالهم، وجعل أبو حيان قسيم قوله الذين آمنوا وعملوا الصالحات محذوفاً لدلالة قوله:
(إنه لا يحب الكافرين) عليه، لأنه كناية عن بغضه لهم، الموجب لغضبه سبحانه، وغضبه يستتبع عقوبته؛ وقيل: تقرير بعد تقرير على الطرد


الصفحة التالية
Icon