(لقد لبثتم في كتاب الله) أي: سابق علمه، وسالف قضائه (إلى يوم البعث) قال الزجاج: في علم الله المثبت في اللوح المحفوظ، قال الواحدي: المفسرون حملوا هذا على التقديم والتأخير، على تقدير: وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله، وكان رد الذين أوتوا العلم عليهم باليمين للتأكيد، أو للمقابلة لليمين باليمين، ردوا ما قالوه، وحلفوا عليه وأطلعوهم على الحقيقة، ثم وصلوا ذلك بتقريعهم على إنكار البعث، فنبهوهم على طريقة التبكيت بقولهم:
(فهذا) الوقت الذي صاروا فيه هو (يوم البعث) الذي كنتم تنكرونه في الدنيا، وقيل: الفاء جواب شرط محذوف تقديره: إن كنتم منكرين للبعث، فهذا يومه، أي: فقد تبين بطلان إنكاركم (ولكنكم كنتم لا تعلمون) أنه حق وقوعه في الدنيا، بل كنتم تستعجلونه تكذيباً واستهزاء.
(فيومئذ) الفاء تفصيل، لما يفهم مما قبلها، من أنه لا يفيدهم تقليل مدة اللبث، ولا النسيان، أو هو جواب شرط مقدر أيضاً.
(لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) أي: لا ينفعهم الاعتذار يومئذ، ولا يفيدهم علمهم بالقيامة، كأنهم توهموا أن التقليل ونحوه عذر في عدم طاعتهم، كقوله: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) وقيل؛ لا رد عليهم المؤمنون، سألوا الرجوع إلى الدنيا، واعتذروا فلم يعذروا. قرئ لا ينفع بالتحتية وبالفوقية، وهما سبعيتان.
(ولا هم يستعتبون) أي: لا يطلب منهم العتبى، وهو الرجوع إلى ما يرضى الله من التوبة، والعمل الصالح، وذلك لانقطاع التكليف في ذلك اليوم، يقال: استعتبته فأعتبني، أي: استرضيته فأرضاني، وذلك إذا كنت جانياً عليه، وحقيقة أعتبته: أزلت عتبه، والمعنى: أنهم لا يدعون إلى إزالة عتبهم من التوبة والطاعة، كما دعوا إلى ذلك في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon