وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)
(ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) أي: وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن، كصفة المبعوثين يوم القيامة، وقصتهم وما يقولون؛ وما يقال لهم، وما لا ينفع من اعتذارهم ولا يسمع من استعتابهم، وكذا ضربنا لهم من كل مثل من الأمثال التي تدلهم على توحيد الله، وصدق رسله، واحتججنا عليهم بكل حجة تدل على بطلان الشرك وفيه إشارة إلى إزالة الأعذار، والإتيان بما فوق الكفاية من الإنذار.
(ولئن جئتهم بآية) من آيات القرآن الناطقة بذلك، أو لئن جئتهم بآية كالعصا، واليد، أو جئتهم بكل آية جاءت بها الرسل (ليقولن الذين كفروا) منهم (إن أنتم إلا مبطلون) أي: ما أنت يا محمد وأصحابك إلا أصحاب أباطيل، تتبعون السحر وما هو مشاكل له في البطلان، أو أنكم كلكم أيها الرسل مبطلون، واللام مؤكدة واقعة في جواب القسم.
(كذلك) الطبع (يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) أي: الفاقدين للعلم النافع الذي يهتدون به إلى الحق والتوحيد، وينجون به من الباطل والشرك، والمصرين على خرافات اعتقدوها، فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق، ويوجب تكذيب المحق؛ ثم أمر الله سبحانه نبيه - ﷺ - بالصبر، معللاً ذلك بحقية وعده سبحانه، وعدم الخلف فيه، فقال:
(فاصبر) على ما تسمعه منهم من الأذى، وتنظره من الأفعال الكفرية، والفاء فصيحة.
(إن وعد الله حق) وقد وعدك بالنصر عليهم، وإعلاء حجتك،