وطور سينين، وطور سيناء، أخرجه ابن جرير، ولكن لا وجه للتخصيص، والأولى العموم، والجبال على الأرض أكثر من ذلك، والكل يصلح للرسو، يقال: رسا الشيء ثبت، وبابه عدا وسما والرواسي: الرواسخ واحدتها راسية (أن تميد بكم) أي: كراهة أن تميد بكم، وقيل: لئلا تميده والمعنى أنه خلقها وجعلها مستقرة ثابتة، لا تتحرك بجبال جعلها عليها وأرساها على ظهرها.
(وبث) أي نشر وفرق (فيها) أي: في الأرض (من كل دابة) أي: كل نوع من أنواع الدواب، ومن زائدة (وأنزلنا) فيه التفات عن الغيبة (من السماء ماء) مطهراً وهو من إنعام الله على عباده وفضله (فأنبتنا فيها) أي: في الأرض بسبب إنزال الماء.
(من كل زوج كريم) أي من كل صنف حسن، ووصفه بكونه كريماً لحسن لونه، وكثرة منافعه، وقيل: إن المراد بذلك الناس، فالكريم منهم من يصير إلى الجنة، واللئيم من يصير إلى النار، قاله الشعبي، وغيره؛ والأول أولى.
(هذا) أي: ما ذكر من خلق السماوات والأرض وما تعلق بهما من الأمور المعدودة (خلق الله) أي: مخلوقه تعالى (فأروني ماذا خلق الذين من دونه)؟ أي: من آلهتكم التي تعبدونها من دون الله، والاستفهام للتقريع والتوبيخ، والمعنى: فأروني أي شيء خلقوا مما يحاكي خلق الله، أو يقاربه حتى استوجبوا عندكم العبادة، وهذا الأمر لهم لقصد التعجيز والتبكيت، ثم أضرب عن تبكيتهم بما ذكر إلى الحكم عليهم بالضلال الظاهر، والإعلام ببطلان ما هم عليه فقال: (بل الظالمون في ضلال مبين) فقرر ظلمهم أولاً وضلالهم ثانياً؛ ووصفه بالوضوح والظهور، ومن كان هكذا فلا يعقل الحجة. ولا يهتدي إلى الحق.


الصفحة التالية
Icon