تكبراً عليهم، وبه قال الهروي، يقال: أصاب البعير صعر: إذا أصابه داء يلوي عنقه وقيل: المعنى: ولا تلو شدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره، وقال ابن خواز منداد: كأنه نهى أن يذل الإنسان نفسه من غير حاجة، ولعله فهم من التصعير التذلل.
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - ﷺ - سئل عن قوله: ولا تصعر خدك، فقال لي: " الشدق " أخرجه الطبراني. وابن عدي وابن مردويه وقال ابن عباس: لا تتكبر فتحتقر عباد الله، وتعرض عنهم إذا كلموك وعنه قال: هو الذي إذا سلم عليه لوى عنقه كالمستكبر، والمعنى: أقبل على الناس بوجهك تواضعاً، ولا تولهم شق وجهك وصفحته كما يفعله المستكبرون، بل يكون الفقير والغني عندك سواء.
(ولا تمش في الأرض مرحاً) أي: خيلاء وفرحاً، والمراد: النهي عن التكبر والتجبر، والمختال يمرح في مشيه، وقد تقدم تحقيقه (إن الله لا يحب كل مختال فخور) تعليل للنهي المذكور، لأن الاختيال هو المرح، والفَخور هو الذي يفتخر على الناس بماله من المال والشرف، أو القوة أو يعدد مناقبه تطاولاً، أو غير ذلك ويظن أن إسباغ النعم الدنيوية عليه من محبة الله له وذلك من جهله، فإن الله أسبغ نعمه على الكافر الجاحد، فينبغي للعارف أن لا يتكبر على عباده، وليس منه التحديث بنعم الله، فإن الله يقول: (وأما بنعمة ربك فحدث).
(واقصد في مشيك) أي: توسط فيه، والقصد ما بين الإسراع والبطء، يقال: قصد فلان في مشيته: إذا مشى مستوياً لا يدب دبيب المتمادين، ولا يثب وثوب الشياطين. وقد ثبت " أن رسول الله - ﷺ - كان إذا مشى أسرع "، فلا بد أن يحمل القصد هنا على ما جاوز الحد في السرعة، وقال مقاتل: معناه لا تختل في مشيتك، وقال ابن مسعود: كانوا ينهون عن خبي اليهود، ودبيب النصارى، ولكن مشياً بين ذلك، وقيل: انظر


الصفحة التالية
Icon