(أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ)؟ أي: آباءهم الذين اقتدوا بهم في دينهم أي: يتبعونهم في الشرك، ولو كان الشيطان يدعوهم فيما هم عليه من الشرك ويجوز أن يراد أنه يدعو هؤلاء الأتباع.
(إلى عذاب السعير) لأنه زين لهم اتباع آبائهم: والتدين بدينهم، والأول أولى. لأن مدار إنكار الأتباع واستبعاده كون المتبوعين تابعين للشيطان لا كون أنفسهم كذلك، ويجوز أن يراد أنه يدعو جميع التابعين والمتبوعين إلى العذاب، فدعاؤه المتبوعين بتزيينه لهم الشرك، ودعاؤه للتابعين بتزيينه لهم دين آبائهم، وجواب (لو) محذوف، أي: يدعوهم فيتبعونه، وما أقبح التقليد وأكثر ضرره على صاحبه، وأوخم عاقبته وأشأم عائدته على من وقع فيه، فإن الداعي له إلى ما أنزل الله على رسوله كمن يريد أن يذود الفراش عن لهب النار لئلا تحرق، فتأبى ذلك وتتهافت في نار الحريق، وعذاب السعير.
(ومن يسلم وجهه إلى الله) أي: يفوض أمره إليه. ويخلص له عبادته، ويقبل عليه بكليته، وقرئ من يسلم بالتشديد. قال النحاس: التخفيف في هذا أعرف، كما قال عز وجل: (فقل أسلمت وجهي).
(وهو محسن) في أعماله، لأن العبادة من غير إحسان فيها ولا معرفة بما يحتاج إليه فيها لا تقع بالموقع الذي تقع به عبادة المحسنين، وقد صح عن الصادق المصدوق لما سأله جبريل عن الإحسان أنه قال له: إن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
(فقد استمسك بالعروة الوثقى) أي: اعتصم بالعهد الأوثق، وتعلق به وهو تمثيل لحال من أسلم وجهه إلى الله بحال من أراد أن يرتقي إلى شاهق جبل فيمسك بأوثق عرى حبل متدل منه (وإلى الله عاقبة الأمور) أي: مصيرها له لا إلى غيره فيجازي عليها.


الصفحة التالية
Icon