وتجعلونه شريكاً له، أو المعنى: فقل: الحمد على ما هدانا له من دينه، ولا حمد لغيره، أو على أن جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون ويجحدها الجاحدون، ثم أضرب عن ذلك فقال (بل أكثرهم لا يعلمون) أن ذلك يلزمهم، وإذا نبهوا عليه لم ينتبهوا، وقيل: لا ينظرون، ولا يتدبرون حتى يعلموا أن خالق هذه الأشياء هو الذي تجب له العبادة دون غيره.
(لله ما في السماوات والأرض) ملكاً وخلقاً وعبيداً، فلا يستحق العبادة فيهما غيره (إن الله هو الغني) عن غيره (الحميد) أي: المستحق للحمد، وإن لم يحمدوه، والمحمود من عاده بلسان المقال، أو بلسان الحال، ثم لما ذكر سبحانه أن له ما في السماوات والأرض، أتبعه بما يدل على أن له وراء ذلك ما لا يحيط به عد، ولا يحصر بحد، فقال:
(ولو أن) جميع (ما في الأرض من شجرة أقلام) وحد الشجرة لما تقرر في علم المعاني أن استغراق المفرد أشمل، قيل: وتوحيد شجرة لأن المراد تفصيل الشجر، واستقصاؤه، فكأنه قال: كل شجرة شجرة حتى لا تبقى من جنس الشجر واحدة إلا وقد بريت أقلاماً، ولو لم يفرد لم يفد هذا المعنى إذ الجمع يتحقق بما فوق الثلاثة، إلا أن تدخل عليه لام الاستغراق هكذا قرروه، قال الشهاب: وفيه بحث فإن إفادة المفرد التفصيل بدون تكرار أو الاستغراق بدون نفي محل نظر، لأنه إنما عهد ذلك في نحو جاءوني رجلاً رجلاً وما عندي تمرة. قال أبو حيان: وهو من وقوع المفرد موقع الجمع، والنكرة موقع المعرفة، كقوله: ما ننسخ من آية، وجمع الأقلام لقصد التكثير، أي: ولو أن يعد كل شجرة من الشجر أقلاماً، ثم قال سبحانه:
(والبحر) أي المحيط لأنه المتبادر من التعريف، إذ هو الفرد الكامل قرئ البحر بالرفع على أنه مبتدأ، وخبره يمده، وبالنصب عطفاً على اسم أن، أو بفعل مضمر يفسره (يمده من بعده) أي: بعد نفاده (سبعة أبحر) أي: والحال أن البحر المحيط مع سعته يمده السبعة الأبحر مداً لا ينقطع، كذا قال سيبويه. وقال المبرد: إن البحر مرتفع بفعل مقدر،


الصفحة التالية
Icon