مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)
(ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس) أي: كخلق نفس (واحدة) وبعثها لأنه بكلمة: كن فيكون، قال النحاس: هكذا قدره النحويون، يعني إلا كخلق نفس، كقوله: واسأل القرية: قال الزجاج: أي قدرة الله على بعث الخلق كلهم، وعلى خلقهم، كقدرته على خلق نفس واحدة، وبعث نفس واحدة، أي: سواء في قدرته القليل والكثير، فلا يشغله شأن عن شأن (إن الله سميع) لكل ما يسمع (بصير) لكل ما يبصر.
(ألم تر) الخطاب لكل أحد يصلح لذلك، أو للرسول - ﷺ - (أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) أي: يدخل كل واحد منهما في الآخر، فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر، وقد تقدم تفسيره في سورة الحج والأنعام (وسخر الشمس والقمر) أي: دللهما وجعلهما منقادين بالطلوع والأفول تقديراً للآجال، وتتميماً للمنافع، والاختلاف بينهما في الصيغة، لما أن إيلاج أحد المولجين في الآخر متجدد في كل حين، وأما تسخير النيرين فأمر لا تعدد فيه، وإنما التعدد والتجدد في آثاره.


الصفحة التالية
Icon