(كل) منهما (يجري إلى أجل مسمى) قيل: هو يوم القيامة، وقيل: وقت الطلوع ووقت الأفول، وقيل: الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر، والأول أولى، وقال هنا بلفظ: (إلى)، وفي فاطر، والزمر، بلفظ اللام، لأن ما هنا، وقع بين آيتين دالتين على غاية ما ينتهي إليه الخلق، وهما قوله ما خلقكم الآية وقوله: اتقوا ربكم واخشوا يوماً الآية فناسب ذكر (إلى) الدالة على الانتهاء، وما في فاطر والزمر خال عن ذلك، إذ ما في فاطر لم يذكر مع ابتداء خلق ولا انتهائه، وما في الزمر ذكر مع ابتدائه، فناسب ذكر اللام، والمعنى: يجري كل كما ذكر لبلوغ أجل. قاله الكرخي.
(وأن الله بما تعملون خبير) لا تخفى عليه خافية، لأن من قدر على مثل هذه الأمور العظيمة فقدرته على العلم بما يعملونه بالأولى، وهو عطف على أن الله يولج الخ، داخل معه في حيز الرؤية
(ذلك) أي: ما تقدم ذكره من الآيات الكريمة المشتملة على سعة العلم، وشمول القدرة، وعجائب الصنع واختصاص الباري بها (بأن الله) أي: بسبب أنه سبحانه (هو الحق) الثابت ألوهيته، أو فعل ذلك ليعلموا أنه الحق، وهو المستحق للعبادة (وأن ما يدعون من دونه الباطل) لا يستحق العبادة، قال مجاهد: الذي يدعون من دونه هو الشيطان، وقيل: ما أشركوا به من صنم أو غيره، وهذا أولى.
(وأن الله هو العلي الكبير) أي: إن ذلك الصنع البديع الذي وصفه في الآيات المتقدمة، للاستدلال به على حقية الله، وبطلان ما سواه، وعلوه وكبريائه على الخلق، له الصفات العليا، والأسماء الحسنى، وهو علي الذات، سمي الصفات، كبير الشأن، جليل القدر، رفيع الذكر، مطاع الأمر جلي البرهان، ثم ذكر من عجيب صنعه، وبديع قدرته، وغاية حكمته، وشمول إنعامه نوعاً آخر فقال:


الصفحة التالية
Icon