وقال ابن عباس: كل امرئ تهمه نفسه، اللهم اجعلنا ممن لا يرجو سواك، ولا يعول على غيرك.
(إن وعد الله) بالبعث (حق) لا يتخلف، فما وعد به من الخير، وأوعد به من الشر، فهو كائن لا محالة (فلا تغرنكم الحياة الدنيا) وزخارفها عن الإسلام فإنها زائلة ذاهبة فانية.
(ولا يغرنكم بالله) في حلمه وإمهاله (الغرور) بفتح الغين أي: الدنيا، أو الأمل بأن يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصي، وقال ابن عباس: الغرور: هو الشيطان، وكذا قال مجاهد، وعكرمة وقتادة لأن من شأنه أن يغر الخلق، ويمنيهم بالأماني الباطلة، ويلهيهم عن الآخرة، ويصدهم عن طريق الحق. وقال سعيد بن جبير: يعمل بالمعاصي، ويتمنى المغفرة. وقرئ بضم الغين، مصدر غر يغر غروراً، ويجوز أن يكون مصدراً واقعاً وصفاً للشيطان على المبالغة.
(إن الله عنده علم الساعة) أي: علم وقتها الذي تقوم فيه، قال الفراء: إن معنى هذا الكلام النفي، أي: ما يعلمه إلا الله عز وجل، قال النحاس: وإنما صار فيه معنى النفي، لما ورد عن النبي - ﷺ - أنه قال في قوله: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو: إنها هذه.
أخرج البخاري، ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمهن إلا الله، لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا متى تقوم الساعة إلا الله، ولا ما في الأرحام إلا الله. وفي الصحيحين، وغيرهما، من حديث أبي هريرة -في حديث سؤاله عن الساعة، وجوابه بأشراطها- ثم قال: في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا هذه الآية، أي: لا يدري أحد متى تقوم الساعة في أي سنة، وأي شهر وأي يوم، وأي ساعة ليلاً أو نهاراً.


الصفحة التالية
Icon