الملك، والأول أولى لقول سليمان: أيكم يأتيني بعرشها؟ ووصفه بالعظم بالنسبة إليها وإلى أمثالها من ملوك الدنيا، لأنه كما قيل: كان مضروباً من الذهب والفضة، طوله ثمانون ذراعاً، وعرضه أربعون ذراعاً، وارتفاعه في السماء ثلاثون ذراعاً، مكللاً بالدر والياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر والزمرد.
وأما وصف عرش الله بالعظيم، فهو بالنسبة إلى جميع المخلوقات من السماوات والأرض وما بينهما، فبينهما بون عظيم، وفرق بين. قال ابن عطية: واللازم من الآية أنها امرأة ملكة على مدائن اليمن، ذات ملك عظيم، وسرير كبير، وكانت كافرة من قوم كفار، وعن ابن عباس قال: سرير كبير من ذهب، وقوائمه من جوهر ولؤلؤ، حسن الصنعة غالي الثمن. عليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق.
(وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) أي يعبدونها متجاوزين عبادة الله سبحانه، قيل: كانوا مجوساً، وقيل: زنادقة، و (وجدت) بمعنى لقيت وأصبت؛ فتتعدى لواحد.
(وزين لهم الشيطان أعمالهم) التي يعملونها وهي عبادة الشمس، وسائر أعمال الكفر (فصدهم عن السبيل) أي صدهم الشيطان بسبب ذلك التزيين عن الطريق الواضح، وهو الإيمان بالله وتوحيده.
(فهم لا يهتدون) إلى ذلك، ولا يبعد من الهدهد التهدي إلى معرفة الله تعالى، ووجوب السجود له، وحرمة السجود للشمس إلهاماً من الله له؛ كما ألهمه وغيره من الطيور، وسائر الحيوان المعارف اللطيفة، التي لا يكاد العقلاء الرجاح العقول يهتدون لها.