فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (٣٦) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨)
(فلما جاء) رسولها المرسل بالهدية وهو منذر بن عمرو، والمراد بهذا المضمر الجنس فلا ينافي كونهم جماعة كما يدل عليه قولها: بم يرجح المرسلون. وقرئ فلما جاءوا أي: الرسل (سليمان قال أتمدونن بمال)؟ مستأنفة والاستفهام للإنكار أي: قال منكراً لإمدادهم له بالمال، مع علو سلطانه، وكثرة ماله.
(فما آتاني الله) من النبوة والعلم والملك العظيم والأموال الكثيرة (خير مما آتاكم) من المال الذي هذه الهدية من جملته، وهذا تعليل للنفي، ثم إنه أضرب عن الإنكار المتقدم، فقال توبيخاً لهم بفرحهم بهذه الهدية فرح فخر وخيلاء:
(بل أنتم بهديتكم تفرحون) وأما أنا فلا أفرح بها وليست في الدنيا من حاجتي لأن الله سبحانه قد أعطاني منها ما لم يعطه أحداً من العالمين، ومع ذلك أكرمني بالنبوة والمراد بهذا الإضراب من سليمان بيان السبب الحامل لهم على الهدية مع الإزراء بهم، والحط عليهم، ثم قال سليمان للرسول:
(ارجع إليهم) أي إلى بلقيس وقومها بما أتيت به من الهدية، وخاطب المفرد هاهنا بعد خطابه للجماعة فيما قبل إما لأن الذي سيرجع هو الرسول فقط، أو خص أمير الرسل بالخطاب هنا، وخاطبهم معه فيما سبق افتناناً في الكلام. وقرئ ارجعوا وقيل: إن الضمير يرجع إلى الهدهد.
واللام في (فلنأتينهم) جواب قسم محذوف، أي: والله إن لم يأتوني مسلمين لنأتينهم قال النحاس: وسمعت ابن كيسان يقول: هي لام توكيد،