ولام أمر، ولام خفض. وهذا قول الحذاق من النحويين لأنهم يردون الشيء إلى أصله، وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية.
(بجنود لا قبل) أي: لا طاقة (لهم بها) وحقيقة القبل المقابلة والقاومة، أي لا يقدرون أن يقابلوهم.
(ولنخرجنهم منها) أي: من بلادهم وأرضهم التي هم فيها، وهي سبأ حال كونهم (أذلة) بعد أن كانوا أعزة (وهم صاغرون) هي حال ثانية مؤكدة للأولى، لأن الصغار هو الذلة، وقيل: إن المراد بالصغار هنا الأسر والاستعباد، وقيل: إن الصغار الإهانة التي تسبب عنها الذلة. ولما رجع الرسول إلى بلقيس بالهدية تجهزت للمسير إلى سليمان لتنظر ما يأمرها به، وأخبر جبريل سليمان بذلك.
(قال) سليمان لكل من هو عنده في قبضته من الجن والإنس وغيرهما: (يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها) أي عرش بلقيس، الذي تقدم وصفه بالعظم وكان سليمان إذ ذاك في بيت المقدس، وعرشها في سبأ بلدة باليمن، وبينها وبين القدس مسيرة شهرين (قبل أن يأتوني مسلمين) أي قبل أن تأتيني هي وقومها منقادين طائعين.
قيل: إنما أراد سليمان أخذ عرشها قبل أن يصلوا إليه ويسلموا لأنهم حينئذ حربيون، وإذا أسلمت وأسلم قومها لم يحل أخذ أموالهم بغير رضائهم لأن الإسلام يعصم مالهم.
قال ابن عطية: وظاهر الروايات أن هذه المقالة من سليمان بعد مجيء هديتها ورده إياها وبعثه الهدهد بالكتاب، وعلى هذا جمهور المتأولين.
وقيل: استدعى العرش قبل وصولها ليريها القدرة التي هي من عند الله، ويجعله دليلاً على نبوته. وقيل: أراد أن يختبر عقلها ولهذا قال: نكروا لها عرشها كما سيأتي، وقيل: أراد أن يختبر صدق الهدهد في وصفه للعرش بالعظم والقول الأول هو الذي عليه الأكثر.


الصفحة التالية
Icon