(وصدها ما كانت تعبد من دون الله) من جملة كلام سليمان أو كلامها على الاحتمالين السابقين، وذكر أبو السعود احتمالاً آخر وهو؛ أنه من كلام الله سبحانه بيان لما كان يمنعها من إظهار ما ادعته من الإسلام، أي منعها من إظهار الإيمان ما كانت تعبده وهو الشمس، قال النحاس: أي صدها عبادتها عن التقدم إلى الإسلام، وقيل: منعها الله عما كانت تعبد من دونه، وقيل: منعها سليمان عما كانت تعبد، والأول أولى، والجملة مستأنفة للبيان.
(إنها كانت من قوم كافرين) تعليل للجملة الأولى أي سبب تأخرها عن عبادة الله ومنع ما كانت تعبده عن ذلك أنها كانت من قوم متصفين بالكفر، راسخين فيه، ولذلك لم تكن قادرة على إظهار إسلامها وهي بينهم، بل حتى دخلت تحت ملك سليمان.
(قيل لها ادخلي الصرح) قال أبو عبيدة: الصرح القصر، وقال الزجاج: الصرح الصحن، يقال هذه صرحة الدار، وقامتها، وقال ابن قتيبة: الصرح بلاط اتخذ لها من قوارير، وجعل تحته ماء وسمك، وأصله من التصريح وهو الكشف، وكذب صراح أي ظاهر مكشوف، ولوم صراح. وحكى أبو عبيدة في الغريب: إن الصرح كل بناء عال مرتفع.
(فلما رأته) أي الصرح بين يديها (حسبته لجة) هي معظم الماء، وقال ابن عباس: البحر (و) لذلك (كشفت عن ساقيها) لتخوض الماء خوفاً عليها أن تبتل؛ فإذا هي أحسن النساء ساقاً سليمة مما قالت الجن فيها، غير أنها كانت كثيرة الشعر، فلما فعلت ذلك وبلغت إلى هذا الحد.
(قال) لها سليمان بعد أن صرف بصره عنها (إنه صرح ممرد) أي مسقف بسطح (من قوارير) فمن أراد مجاوزته لا يحتاج إلى تشمير ثيابه. والممرد المحكوك المملس، ومنه الأمرد لملاسة وجهه، وتمرد الرجل إذا لم تخرج لحيته.
قال الفراء: ومنه الشجرة المرداء، التي لا ورق لها. والتمريد في البناء


الصفحة التالية
Icon