(أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ)؟ فيه تكرير للتوبيخ مع التصريح، بأن تلك الفاحشة هي اللواطة التي أبهمها أولا، وفيه إشارة إلى أن فعلتهم هذه مما يعي الواصف، ولا يبلغ كنه قبحها، ولا يصدق ذو عقل أن أحداً يفعلها، ثم علل ذلك بقوله:
(شهوة) تنزيلاً لهم إلى رتبة البهائم التي ليس فيها قصد ولد. ولا عفاف، والتقدير للشهوة أو إتياناً شهوة؛ أو مشتهين لهم.
(من دون النساء) أي متجاوزين النساء اللاتي هن محل لذلك، وفيه إشارة إلى أنهم أساءوا من الطرفين في الفعل والترك.
(بل أنتم قوم تجهلون) التحريم، أو عاقبة فعلكم، والعقوبة على هذه المعصية، قيل: أراد بالجهل السفاهة التي كانوا عليها، أو تفعلون فعل الجاهلين بقبحه، وقد اجتمع الخطاب والغيبة هنا، وفي قوله: بل أنتم قوم تفتنون فغلب الخطاب على الغيبة لأنه أقوى وأرسخ إذ الأصل أن يكون الكلام بين الحاضرين.
(فما كان جواب قومه إلا أن قالوا) أي: إلا قولهم (أخرجوا آل لوط) أي لوطاً وأهله، والمراد بهم بنتاه وزوجته المؤمنة (١) (من قريتكم) فيه امتنان عليه بإسكانه عندهم، والإضافة للجنس لأن قراهم كانت خمساً أعظمها سدوم (إنهم أناس يتطهرون) أي يتنزهون ويتباعدون عن أدبار الرجال، قالوا ذلك استهزاء منهم بهم.
(فأنجيناه وأهله) من العذاب الواقع بالقوم، فخرج لوط بأهله من أرضهم وطوى الله له الأرض حتى نجا، ووصل إلى إبراهيم (إلا امرأته قدرناها) قرئ مخففاً ومشدداً، والمعنى واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى (من الغابرين) أي الباقين في العذاب.

(١) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا في المطبوع!، وكأن المؤلف يذهب إلى أن للوط عليه السلام زوجتان إحداهما مؤمنة


الصفحة التالية
Icon