الجوهري: وأردفه لغة في ردفه مثل تبعه واتبعه. قال الفراء: ردف لكم دنا لكم، ولهذا قيل: لكم، وقرئ ردف بفتح الدال، وهي لغة، والكسر أشهر.
وقرأ ابن عباس (أزف لكم) وعسى ولعل وسوف في مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بمدخولها، وإنما يطلقونها إظهاراً للوقار، وإشعاراً بأن الرمز من أمثالهم كالتصريح ممن عداهم، وعلى ذلك يجري الله وعيده، قاله أبو السعود والمعنى قل: يا محمد - ﷺ - لهؤلاء الكفار: عسى أن يكون هذا العذاب الذي به توعدون تبعكم ولحقكم؛ فتكون اللام زائدة للتأكيد، أو بمعنى اقترب لكم ودنا منكم قاله ابن عباس، فتكون غير زائدة.
(بعض الذي تستعجلون) من العذاب، أي حلوله، قيل: هو عذابهم بالقتل يوم بدر، وقيل: هو عذاب القبر، ثم ذكر سبحانه فضله فقال:
(وإن ربك لذو فضل على الناس) في تأخير العقوبة، والأولى أن تحمل الآية على العموم، ويكون تأخير العقوبة من جملة أفضاله سبحانه وإنعامه.
(ولكن أكثرهم لا يشكرون) فضله وإنعامه، ولا يعرفون حق إحسانه.
ثم بين سبحانه أنه مطلع على ما في صدورهم فقال:
(وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم) أي ما تخفيه فليس التأخير لخفاء حالهم عليه، قرئ بضم التاء من أكن، وبفتحها وضم الكاف يقال كننته بمعنى سترته وأخفيت أثره (وما يعلنون) من أقوالهم وأفعالهم، ويظهرونها. وقال ابن عباس: يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
(وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) أي: في اللوح المحفوظ، والغائبة: هي من الصفات الغالبة والتاء للمبالغة كراوية وعلامة، وقيل: هي الداخلة على المصادر نحو العاقبة والعافية. قال الزمخشري: ونظيرها الذبيحة والنطيحة والرمية في أنها أسماء غير صفات. قال الحسن:


الصفحة التالية
Icon