الغائبة هنا هي القيامة.
وقال مقاتل: علم ما يستعلجون من العذاب هو مبين عند الله، وإن غاب عن الخلق. وقال ابن شجرة: الغائبة هنا جميع ما أخفى الله عن خلقه، وغيبه عنهم، مبين في أم الكتاب، فكيف يخفى عليه شيء من ذلك، ومن جملة ذلك ما يستعجلون من العذاب. فإنه مؤقت بوقت مؤجل بأجل، علمه عند الله، فكيف يستعجلونه قبل أجله المضروب له؟ وقال ابن عباس: ما من شيء في السماء والأرض سراً ولا علانية إلا يعلمه.
(إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل) الموجودين في زمان نبينا بالتصريح والتنصيص، ولذا خص الأكثر بالذكر وقال: (أكثر الذي هم فيه يختلفون) من التشبيه والتنزيه، وأحوال الجنة والنار، وعزير ومسيح، وذلك لأن أهل الكتاب تفرقوا فرقاً، وتحزبوا أحزاباً، يطعن بعضهم على بعض، ويتبرأ بعضهم من بعض، فنزل القرآن مبيناً لما اختلفوا فيه من الحق، فلو أخذوا به لوجدوا فيه ما يرفع اختلافهم ويدفع تفرقهم.
(وإنه لهدى) من الضلالة (ورحمة) من العذاب (للمؤمنين) أي لمن آمن بالله وتابع رسوله - ﷺ -، وخصهم لأنهم هم المنتفعون به، ومن جملتهم من آمن من بني إسرائيل.
(إن ربك يقضي بينهم) كغيرهم يوم القيامة (بحكمه) أي يقضي بالعدل بين المختلفين من بني إسرائيل، بما يحكم به من الحق، فيجازي المحق ويعاقب المبطل، فلا يمكن أحداً مخالفته، كما خالف الكفار في الدنيا أنبياءه ورسله وقيل: يقضي بينهم في الدنيا فيظهر ما حرفوه قرئ بحكمه بضم الحاء وسكون الكاف، وبكسرها وفتح الكاف؛ جمع حكمة؛ والحكم بمعنى العدل والحق والمحكوم به.
(وهو العزيز) الذي لا يغالب (العليم) بما يحكم به، أو الكثير العلم ثم أمره سبحانه بالتوكل وقلة المبالاة فقال: