لا بد لهم منه، ووصف النهار بالإبصار وهو وصف للناس، مبالغة في إضاءته، كأنه يبصر ما فيه، ففي الكلام إسناد عقلي، من الإسناد إلى الزمان قيل: في الكلام حذف، والتقدير وجعلنا الليل مظلماً ليسكنوا أو حذف مظلماً لدلالة مبصراً عليه، وقد تقدم تحقيقه في الإسراء، وفي يونس.
(إن في ذلك) المذكور (لآيات) أي لعلامات ودلالات (لقوم يؤمنون) بالله سبحانه وفي الآية دليل على صحة البعث بعد الموت لأن القادر على تقليب الضياء ظلمة والظلمة ضياء، قادر على الإعادة بعد الموت، كيف ومن تأمل في تعاقب الليل والنهار، واختلافهما، على وجوه مبنية على حكم تحار في فهمها العقول، ولا يحيط بها إلا الله، وشاهد في الآفاق تبدل ظلمة الليل المحاكية للموت بضياء النهار المضاهي للحياة، وعاين في نفسه تبدل النوم الذي هو أخو الموت بالتيقظ الذي هو مثل الحياة قضى بأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وجزم بأن الله قد جعل هذا أنموذجاً ودليلاً يستدل به على أن سائر الآيات حق نازل من عند الله، قاله أبو السعود، ثم ذكر سبحانه علامة أخرى للقيامة فقال:
(ويوم ينفخ في الصور) وهو معطوف على (ويوم نحشر) منصوب بناصبه المتقدم، قال الفراء: إن المعنى وذلكم يوم ينفخ في الصور، والأول أولى، والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل، وقد تقدم في الأنعام استيفاء الكلام عليه، والنفخات في الصور ثلاث:
الأولى: نفخة الفزع.
والثانية: نفخة الصعق.
والثالثة: نفخة البعث. وقيل: إنها نفختان وإن نفخة الفزع إما أن تكون راجعة إلى نفخة الصعق أو إلى نفخة البعث، واختار هذا القشيري والقرطبي وغيرهما وقال الماوردي: هذه النفخة المذكورة هنا هي يوم النشور من القبور.
(ففزع) كل (من) كان (في السماوات ومن) كان (في الأرض) حياً


الصفحة التالية
Icon