فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥)
(فرددناه إلى أمه كي تقر عينها) بولدها (ولا تحزن) حينئذ على فراقه (ولتعلم أن وعد الله) أي: جميع وعده ومن جملة ما وعدها بقوله إنا رادوه إليك (حق) لا خلف فيه واقع لا محالة.
(ولكن أكثرهم) أي: أكثر آل فرعون (لا يعلمون) بذلك بل كانوا في غفلة عن القدر، وسر القضاء، أو أكثر الناس لا يعلمون بذلك أو لا يعلمون أن الله وعدها بأن يرده إليها وهذه أخته وهذه أمه.
(ولما بلغ أشده) أي: نهاية القوة، وتمام العقل، وهو جمع شدة كنعمة وأنعم عند سيبويه، وقد قال ربيعة ومالك: هو الحلم لقوله تعالى: (حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً) الآية وأقصاه أربع وثلاثون سنة كما قال مجاهد وسفيان الثوري وغيرهما. وقيل الأشد ما بين الثمانية عشر إلى الثلاثين وقال ابن عباس: ثلاثاً وثلاثين سنة، وقد تقذم الكلام في بلوغ الأشد في الأنعام.
(واستوى) أي اعتدل وتم استحكامه، والاستواء من الثلاثين إلى الأربعين، فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان، قاله ابن عباس وقيل: الاستواء هو بلوغ الأربعين، ويروى أنه لم يبعث نبي إلا على رأس أربعين


الصفحة التالية
Icon