رفع ذلك البيت وذهبت الشجرة ورفع السرير إلى السماء.
فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: قتل هارون وحسده حب بني إسرائيل، وكان هارون أَأْلَف بهم وألين لهم، وكان في موسى بعض الغلظة عليهم، فلما بلغه ذلك قال: ويحكم إنه كان أخي أفتروني أقتله؟ فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله فنزل بالسرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه (وكان عند الله وجيهاً) أي عظيماً ذا وجاهة، والوجيه العظيم القدر الرفيع المنزلة، يقال: وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه، وقيل: مستجاب الدعوة، وقيل: الوجاهة أنه كلمه تكليماً، وقرأ عبد الله بالموحدة من العبودية، وهي حسنة، قاله الكرخي.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) في كل أمر من الأمور (وقولوا قولاً سديداً) أي صواباً وحقاً قال قتادة ومقاتل: يعني في شأن زيد وزينب، ولا تنسبوا النبي - ﷺ - إلى ما لا يحل، وقال عكرمة: إن القول السديد: لا إله إلا الله، وقيل: هو الذي يوافق ظاهره باطنه، وقيل: هو ما أريد به وجه الله دون غيره، وقيل: هو الإصلاح بين الناس، والسديد مأخوذ من تسديد السهم ليصاب به الغرض، والظاهر من الآية أنه أمرهم بأن يقولوا قولاً سديداً في جميع ما يأتونه ويذرونه فلا يخص ذلك نوعاً دون نوع، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي العموم، فالمقام يفيد هذا المعنى لأنه أرشد سبحانه عباده إلى أن يقولوا قولاً يخالف قول أهل الأذى.
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال: [صلى بنا رسول الله - ﷺ - صلاة الظهر ثم قال: على مكانكم اثبتوا ثم أتى الرجال فقال: إن الله أمرني أن آمركم أن تتقوا الله وأن تقولوا قولاً سديداً، ثم أتى النساء فقال: إن الله أمرني أن آمركن أن تتقين الله، وأن تقلن قولاً سديداً]، ثم ذكر الله سبحانه ما لهؤلاء الذين امتثلوا الأمر بالتقوى والقول السديد من الأجر فقال: