(ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٩))
(ذلك) إشارة إلى الله باعتبار اتصافه بتلك الأوصاف أي: ذلك الخالق المدبر (عالم الغيب والشهادة) أي العالم بما غاب عن الخلق وما حضرهم، وفي هذا معنى التهديد لأنه سبحانه إذا علم بما يغيب وما يحضر، فهو مجاز لكل عامل بعمله، أو فهو يدبر الأمر بما تقتضيه حكمته (العزيز) القاهر الغالب (الرحيم) بعباده
(الذي أحسن كل شيء خلقه) قرىء بفتح اللام وبإسكانها فعلى الأولى خلقه فعل ماض نعتاً لشيء، وعلى الثانية ففي نصبه أوجه:
الأول: أن يكون بدلاً من (كل شيء) بدل اشتمال، والضمير عائد إلى: كل شيء، وهذا هو الوجه المشهور عند النحاة.
الثاني: أنه بدل كل من كل، والضمير راجع إلى الله سبحانه، ومعنى (أحسن) حسن؛ لأنه ما من شيء إلا وهو مخلوق على ما تقتضيه الحكمة فكل المخلوقات حسنة.
الثالث: أن يكون (كل شيء) هو المفعول الأول، وخَلْقَهُ هو المفعول الثاني، على تضمين أحسن معنى أعطى، والمعنى: أعطى كل شيء خلقه الذي خصه به، وقيل: على تضمينه معنى ألهم. قال الفراء: ألهم خلقه كل شيء يحتاجون إليه.