(وله الحمد في الآخرة) كما له في الدنيا لأن النعم في الدارين كلها منه، وقيل المعنى أن له على الاختصاص حمد عباده الذي يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة كما في قوله (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) وقوله (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وقوله (الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) وقوله (الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله) وقوله (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) فهو سبحانه المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا، وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا، غير أن الحمد هنا واجب لأن الدنيا دار تكليف وثم لا، لعدم التكليف وإنما يحمد أهل الجنة سروراً بالنعيم وتلذذاً بما نالوا من الأجر العظيم، كما ورد: يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس.
(وهو الحكيم) الذي أحكم أمر الدارين (الخبير) بأمر خلقه فيهما، وبضمير من يحمده ليوم الجزاء والعرض، ثم ذكر سبحانه بعض ما يحيط به علمه من أمور السموات والأرض التي نيطت بها مصالحهم الدينية والدنيوية فقال:
(يعلم ما يلج في الأرض) أي ما يدخل ويوضع فيها من مطر أو كنز أو دفين أو أموات (وما يخرج منها) من زرع ونبات وحيوان وشجر وعيون ومعادن وأموات إذا بعثوا (وما ينزل من السماء) من الأمطار والسروج والثلوج والبرد والصواعق وأنواع البركات ومن ذلك ما ينزل منها من ملائكته وكتبه إلى أنبيائه قُرىء: ينزِل مسنداً إلى ما وينزّل مشدداً مسنداً إلى الله سبحانه.
(وما يعرج فيها) أي في السماء من الملائكة، وأعمال العباد والدعوات وضمن العروج معنى الاستقرار فعداه بفي دون إلى، والسماء جهة العلو مطلقاً (وهو الرحيم) بعباده (الغفور) لذنوبهم وتفريطهم في أداء ما وجب عليهم من شكر نعمه.


الصفحة التالية
Icon