وإن يشأ أن يعذب بأرضه فعل، وكل خلقه له جند، قرىء بالنون وبالتحتية في الأفعال الثلاثة.
(إن في ذلك) المذكور المرئي من خلق السماء والأرض من حيث إحاطتهما بالناظرين من جميع الجوانب (لآية) واضحة ودلالة بينة.
(لكل عبد منيب) أي راجع إلى ربه بالتوبة والإخلاص، وخص النيب لأنه المنتفع بالتفكر، وقال قتادة: منيب أي تائب مقبل إلى الله، وقال هنا: لآية بالتوحيد، وفيما بعد ذلك لآيات يجمعها لأن -ما- هنا إشارة إلى إحياء الموتى فناسب التوحيد. وما بعد إشارة إلى سبأ قبيلة تفرقت في البلاد فصاروا فرقاً فناسب الجمع، ثم ذكر سبحانه من عباده المنيبين إليه داود وسليمان كما قال في داود: (فاستغفر ربه وخرّ راكعاً وأناب). وقال في سليمان: (وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب) فقال:
(ولقد آتينا داود منا فضلاً) أي آتيناه بسبب إنابته فضلاً منا على سائر الأنبياء، واختلف في هذا الفضل على أقوال فقيل النبوة وقيل الزبور وقيل العلم، وقيل القوة كما في قوله (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) وقيل تسخير الجبال كما في قوله (يا جبال أوّبي معه)، وقيل التوبة، وقيل الحكم بالعدل، كما في قوله (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق)، وقيل هو إلانة الحديد كما في قوله: (وألنا له الحديد)، وقيل حسن الصوت والأولى أن يقال: إن هذا الفضل المذكور هو ما ذكره الله بعده من قوله.
(يا جبال) إلى آخر الآية أي قلنا له يا جبال (أوبي معه) التأويب التسبيح كما في قوله: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن)، قال أبو ميسرة: هو التسبيح بلسان الحبشة، وقال ابن عباس: أوّبي سبحي.
وروي مثله عن مجاهد وعكرمة وابن زيد وكان إذا سبح داود سبحت


الصفحة التالية
Icon