القطر النحاس لم يقدر عليها أحد بعد سليمان، وإنما يعمل الناس بعده فيما كان أعطي: سليمان، وقال مجاهد القطر الصفر والمعنى: جعلنا النحاس لسليمان في معدنه عيناً تسيل كعيون المياه دلالة على نبوته أي كالعين النابعة من الأرض.
(ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه) الإذن مصدر مضاف إلى فاعله أي مسخراً أو ميسراً بأمر ربه (ومن يزغ منهم) أي ومن يعدل من الجن (عن أمرنا) الذي أمرناه به وهو طاعة سليمان.
(نذقه من عذاب السعير) قال أكثر المفسرين: وذلك في الآخرة، وقيل في الدنيا قال السدي، وكل الله بالجن ملكاً بيده سوط من نار فمن زاغ عن أمر سليمان ضربه بذلك السوط ضربة فتحرقه، ثم ذكر سبحانه ما يعمله الجن لسليمان فقال:
(يعملون له ما يشاء من محاريب) من للبيان والمحاريب كل موضع مرتفع وهي الأبنية الرفيعة، والقصور العالية، والمجالس الشريفة المصونة عن الابتذال والمساكن.
قال المبرد: لا يكون المحراب إلا أن يرتقي إليه بدرج ومنه قيل للذي يصلي فيه محراب لأنه يرفع ويعظم، وقال مجاهد: المحاريب دون القصور، وقال أبو عبيدة: المحراب أشرف بيوت الدار وقال الضحاك وقتادة: المراد بالمحاريب هنا المساجد وكان مما عملوا له بيت المقدس.
(وتماثيل) جمع تمثال وهو كل شيء مثلته بشيء أي صورته بصورته من نحاس أو زجاج أو رخام أو غير ذلك قيل: كانت هذه التماثيل صور الأنبياء والملائكة والعلماء والصلحاء كانوا يصورونها في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهاداً، وفي الحديث " إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصورة ليذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة " وقيل: هي تماثيل أشياء ليست من الحيوان، وقيل: صور السباع والطيور.


الصفحة التالية
Icon