كتبت فصلى ذات يوم فإذا شجرة نابتة بين يديه فقال لها ما اسمك؟ قالت: الخروب. قال: لأي شيء أنت؟ قالت لخراب هذا البيت. قال لها سليمان: ما كان الله ليخربه، وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس ثم نزعها وغرسها في حائط له، ثم قال سليمان اللهم عمِّ عن الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فهيأ عصى فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكىء عليها، فمكث حولاً ميتاً والجن تعمل فأكلتها الأرضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ".
وكان ابن عباس يقرأها كذلك فشكرت الجن للأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء، وأخرجه الحاكم وصححه عن ابن عباس موقوفاً.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم مرفوعاً يقول الله: إني تفضلت على عبادي بثلاث: ألقيت الدابة على الحبة، ولولا ذلك لكنزها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة، وألقيت النتن على الجسد ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه واستلبت الحزن ولولا ذلك لذهب النسل.
ذكر أهل التاريخ أن سليمان ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وبقي في الملك مدة أربعين سنة وشرع في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين من ملكه وتوفي وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وقيل: إن داود أسس بناء بيت المقدس في موضع فسطاط موسى فمات قبل أن يتمه فوصىّ به إلى سليمان فأمر الشياطين بإتمامه فلما بقي من عمره سنة سأل ربه أن يعمّيَ عليهم موته حتى يفرغوا عنه ولتبطل دعواهم على الغيب، روي أن أفريدون جاء ليصعد كرسيه فلما دنا ضرب الأسدان ساقه فكسراها، فلم يجسر أحد بعده أن يدنو منه.
ولما ذكر سبحانه حال بعض الشاكرين لنعمه عقّبه بحال بعض الجاحدين لها، والمقصود من ذكر هذه القصة أن النبي - ﷺ - يذكرها لقومه لعلهم يتعظون وينزجرون ويعتبرون بها فقال:


الصفحة التالية
Icon