ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨)
(جزيناهم بما كفروا) أي ذلك التبديل أو ذلك الجزاء بسبب كفرهم للنعمة بإعراضهم عن شكرها.
(وهل نجازي إلا الكفور) أي وما نجازي هذا الجزاء بسلب النعمة ونزول النقمة إلا الشديد الكفر المتبالغ، قرأ الجمهور: بضم التحتية وفتح الزاي على البناء للمفعول وقرىء: بالنون وكسر الزاي مبنياً للفاعل، وهو الله سبحانه، والكفور على الأولى مرفوع وعلى الثانية منصوب وظاهر الآية أنه لا يجازي إلا الكفور، مع كون أهل المعاصي يجازون، وقد قال قوم إن معنى الآية أنها لا يجازي هذا الجزاء وهو الاصطلام والإهلاك إلا من كفر وقال مجاهد: إن المؤمن تكفَّر عنه سيآته والكافر يجازى بكل عمل عمله، وقال طاووس: هو المناقشة في الحساب، وأما المؤمن فلا يناقش. وقال الحسن: إن المعنى أنه يجازي الكافر مثلاً بمثل ورجح هذا الجواب النحاس.
(وجعلنا بينهم) أي وكان من قصتهم أنا جعلنا بين مساكنهم قبل إرسال السيل عليهم (وبين القرى التي باركنا فيها) بالماء والشجر وهي قرى الشام يعني الأرض المقدسة قاله ابن عباس.
(قرى ظاهرة) أي متواصلة عامرة مخصبة وكان مُتَّجرهم من أرضهم التي هي مأرب إلى الشام وكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى حتى يرجعوا، وكانوا لا يحتاجون إلى زاد يحملونه من أرضهم إلى الشام فهذا من جملة الحكاية لما أنعم الله به عليهم، قال الحسن: إن هذه القرى هي بين اليمن


الصفحة التالية
Icon