به: قد أنصفك صاحبك.
قال المبرد: ومعنى هذا الكلام معنى قول المتبصر في الحجة لصاحبه: أحدنا كاذب وقد عرف أنه الصادق المصيب، وصاحبه الكاذب المخطىء انتهي. وخولف بين حرفي الجر الداخلين على الهدى والضلال لأن صاحب الهدى كأنه مستعل على فرس جواد يركضه حيث شاء، والضال كأنه ينغمس في ظلام لا يرى أين يتوجه.
قال المبرد: (أو) عند البصريين على بابها وليست للشك لكنها على ما تستعمله العرب في مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى وقال أبو عبيدة والفراء: هي بمعنى الواو، وتقديره وإنا على هدى وإياكم لفي ضلال مبين. قيل: أو إياكم معطوف على اسم إن وخبرها هو المذكور وحذف خبر الثاني للدلالة عليه أي إنا لعلى هدى أو في ضلال مبين، أو أنكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، ويجوز العكس، وهو كون المذكور خبر الثاني، وخبر الأول محذوفاً كما في قوله: (والله ورسوله أحق أن يرضوه)، ثم أردف سبحانه هذا الكلام المنصف بكلام أبلغ منه في الإنصاف وأدخل فيه وأبعد من الجدل والمشاغبة فقال:
(قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون) أي: إنما أدعوكم إلى ما فيه خير لكم ونفع، ولا ينالني من كفركم وترككم لإجابتي ضرر، وهذا كقوله سبحانه: (لكم دينكم ولي دين)، وفي إسناد الجرم إلى المسلمين ونسبة مطلق العمل إلى المخاطبين مع كون أعمال المسلمين من البر الخالص والطاعة المحضة وأعمال الكفار من المعصية البينة والإثم الواضح، من الإنصاف ما لا يقادر قدره، والمقصود المهادنة والمتاركة، وقد قيل: نسخت هذه الآية وأمثالها بآية السيف، ثم أمره سبحانه بأن يهددهم بعذاب الآخرة لكن على وجه لا تصريح فيه فقال:


الصفحة التالية
Icon