الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين لهم الحق، ويرد عليهم ما زعموه من الباطل فقال:
(قل يتوفاكم ملك الموت) يقال: توفاه الله واستوفى روحه، إذا قبضه إليه، وملك الموت هو عزرائيل (١) وقال ذلك هنا، وقال في الأنعام: توفته رسلنا، وفي الزمر: الله يتوفى الأنفس حين موتها، ولا منافاة لأن الله تعالى هو المتوفي حقيقة بخلق الموت، وأمر الوسائط بنزع الروح، وهم غير ملك الموت أعوان له ينزعونها من الأظافر إلى الحلقوم فصحت الإِضافات كلها، والتفعيل والاستفعال يلتقيان في مواضع مثل: تقضيته، واستقضيته، وتعجلته، واستعجلته.
(الذي وكل بكم) أي: بقبض أرواحكم عند حضور آجالكم، قيل: إن ملك الموت يدعو الأرواح فتجيبه، ثم يأمر أعوانه بقبضها والله تعالى هو الآمر بذلك، وهذا وجه الجمع بين الآيات كما تقدم (ثم إلى ربكم ترجعون) أي: تصيرون إليه تعالى أحياء بالبعث والنشور، لا إلى غيره فيجازيكم بأعمالكم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
_________
(١) لم يثبت أن ملك الموت اسمه هكذا، وملك الموت اسم جنس للملائكة التي تتولى قبض الأرواح بدليل قوله تعالى " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " وفي الحديث " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش " ولم يقل وعزرائيل، ولم يرد اسم عزرائيل في خبر معتبر والله أعلم.
المطيعي.
(ولو ترى) لو امتناعية وجوابه محذوف، أي لرأيت أمراً فظيعاً، وهولاً هائلاً، لا يقدر قدره، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال الزجاج والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبة لأمته؛ فالمعنى: ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب، أو الخطاب لكل أحد ممن يصلح له كائناً من كان، إذ المراد بيان كمال سوء حالهم، وبلوغها من الفظاعة إلى حيث لا يختص استغرابها واستعظامها براء دون راء، ممن أعتاد مشاهدة الأمور البديعة، والدواهي الفظيعة، بل كل من تتأتى منه الرؤية


الصفحة التالية
Icon