بالأموال والأولاد في الدنيا وذلك يدل على أنه قد رضي ما نحن عليه من الدين (وما نحن بمعذبين) في الآخرة بعد إحسانه إلينا في الدنيا ورضاه عنا أرادوا أنهم أكرم على الله من أن يعذبهم نظراً إلى أحوالهم في الدنيا، وظنوا أنهم لو لم يكرموا على الله لا رزقهم الله، ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم، فأبطل الله ظنهم وأمر نبيه - ﷺ - بأن يجيب عنهم رداً عليهم، وحسماً لمادة طمعهم وتحقيقاً للحق الذي عليه يدور أمر التكوين، وقال:
(قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء) أن يبسطه له (ويقدر) أي يضيق على من يشاء أن يضيقه عليه، فهو سبحانه قد يرزق الكافر والعاصي استدراجاً له، وقد يمتحن المؤمن المطيع بالتقتير توفيراً لأجره، وليس مجرد بسط الرزق لمن يبسط له يدل على أنه قد رضي عنه ورضي عمله، ولا قبضه عمن قبضه عنه يدل على أنه لم يرضه، ولا رضي عمله، بل كل ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة، فقياس الدار الآخرة على الدار الأولى في مثل هذا من الغلط البين أو المغالطة الواضحة.
(ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك ومن جملة هذا الأكثر من قاس أمر الآخرة على الأولى.
(وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) كلام مستأنف من جهته تعالى خوطب به الناس بطريق التلوين والالتفات مبالغة في تحقيق الحق وتقرير ما سبق، والمعنى: ليسوا بالخصلة التي تقربكم عندنا قربى قال مجاهد: الزلفى: القربى، والزلفة القربة، قال الأخفش: زلفى اسم مصدر كأنه قال: بالتي تقربكم عندنا تقريباً، قال الفراء: إن التي تكون للأموال والأولاد جميعاً وهو الصحيح، وقيل: المعنى وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي الخ وذلك أن الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث، وقال الزجاج: إن العنى وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى، ثم حذف الخبر الأول لدلالة الثاني عليه، ويجوز في غير


الصفحة التالية
Icon