(ولا يغرنكم بالله) في حلمه وإمهاله (الغرور) بفتح الغين أي المبالغ في الغرور وهو الشيطان قاله ابن السكيت وأبو حاتم.
ويجوز أن يكون مصدراً واستبعده الزجاج لأن غررته متعد ومصدر المتعدي إنما هو على فعل نحو ضربته ضرباً، إلا في أشياء يسيرة معروفة لا يقاس عليها، ومعنى الآية: لا يغرنكم الشيطان بالله فيقول لكم إن الله يتجاوز عنكم ويغفر لكم بفضله عليكم، أو لسعة رحمته لكم، وقرىء بضم الغين وهو الباطل، قال ابن السكيت: والغرور بالضم ما يغر من متاع الدنيا وقال الزجاج: يجوز أن يكون الغرور بالضم جمع غار مثل قاعد وقعود، قيل: ويجوز أن يكون مصدر غره كاللزوم والنهوك، وفيه ما تقدم عن الزجاج من الاستبعاد، ثم حذر سبحانه عباده من الشيطان فقال:
(إن الشيطان لكم عدو) ظاهر العداوة فعل بأبيكم ما فعل، وأنتم تعاملونه معاملة من لا علم له بأحواله والتنكير للتعظيم أي عدو عظيم لأن عداوته عامة قديمة، والعموم يفهم من قوله: لكم حيث لم يخص ببعض دون بعض، والقدم من الجملة الاسمية الدالة على الاستمرار.
(فاتخذوه عدواً) أي فعادوه بطاعة الله ولا تطيعوه في معاصي الله، وكونوا على حذر منه في جميع أحوالكم وأفعالكم وعقائدكم عن صميم قلوبكم وإذا فعلتم فعلاً فتفطنوا له فإنه ربما يدخل عليكم فيه الرياء ويزين لكم القبائح قال القشيري: ولا يتعزى على عداوته إلا بدوام الاستعانة بالرب، فإنه لا يغفل عن عداوتكم فلا تغفلوا أنتم عن مولاكم لحظة. ذكره الخطيب، ثم بين الله سبحانه لعباده كيفية عداوة الشيطان لهم وحذرهم عن طاعته فقال:
(إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) أي إنما يدعو أشياعه وأتباعه والمطيعين له إلى معاصي الله سبحانه لأجل أن يكونوا من أهل النار


الصفحة التالية
Icon