يتعززون بهم من الذين آمنوا بألسنتهم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة؟ والظاهر في معنى الآية: أن من كان يريد العزة ويطلبها فليطلبها من الله عز وجل فلله العزة جميعاً ليس لغيره منها شيء، فتشمل الآية كل من طلب العزة، ويكون المقصود بها التنبيه لذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة وتستحق، ومن أي جهة تطلب فتكون الألف واللام للاستغراق، وهو المفهوم من آيات هذه السورة.
(إليه) تعالى لا إلى غيره (يصعد الكلم الطيب) الصعود هو الحركة إلى فوق وهو العروج أيضاًً وموضع الثواب فوق، وموضع العذاب أسفل، ومعنى صعوده إليه قبوله له، أو صعود الكتبة من الملائكة بما يكتبونه من الصحف، وخص الكلم الطيب بالذكر لبناء الثواب عليه، وهو يتناول كل كلام يتصف بكونه طيباً من ذكر الله وأمر بمعروف ونهي عن منكر وتلاوة وغير ذلك، فلا وجه لتخصيصه بكلمة التوحيد أو بالتحميد والتمجيد، وقيل: المراد بصعوده صعوده إلى سماء الدنيا، وقيل: يصعد إلى سمائه والمحل الذي لا يجري فيه لأحد غيره حكم، وفيه دليل على علوّه تعالى فوق الخلق وكونه بائناً عنه بذاته الكريمة، كما تدل له الآيات الأخرى الصريحة والأحاديث المستفيضة الصحيحة، وقيل: المراد بصعوده علم الله به والأولى ما ذكرناه آنفاً.
(والعمل الصالح يرفعه) أي يرفع الكلم الطيب كما قال الحسن وشهر ابن حوشب وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وأبو العالية والضحاك، ووجهه: أنه لا يقبل الكلم الطيب إلا مع العمل الصالح. وقيل: إن فاعل يرفعه هو الكلم الطيب، ومفعوله العمل الصالح، ووجهه أن العمل الصالح لا يقبل إلا مع التوحيد والإيمان، وقيل: إن فاعل يرفعه ضمير يعود إلى الله عز وجل، والمعنى أن الله يرفع العمل الصالح على الكلم الطيب، لأن العمل


الصفحة التالية
Icon