يلهيهم وأداموها (ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه) وقرىء من أزكى فإنما يزكى لنفسه، والتزكي: التطهر من أدناس الشرك والفواحش والمعنى أن من تطهر بترك المعاصي واستكثر من العمل الصالح فإنما يتطهر لنفسه لأن نفع ذلك مختص به كما أن وزر من تدنس لا يكون إلا عليه لا على غيره.
(وإلى الله المصير) لا إلى غيره، ذكر سبحانه أولاً: أنه لا يحمل أحد ذنب أحد، ثم ذكر ثانياً: أن المذنب إن دعا غيره وإن كان من قرابته إلى حمل شيء من ذنوبه لا يحمله، ثم ذكر ثالثاً: أن ثواب الطاعة مختص بفاعلها ليس لغيره منه شيء، ثم ضرب مثلاً للمؤمن والكافي وقد قرر ببيان التنامي أولاً بين ذاتيهما، وثانياً بين وصفيهما، وثالثاً بين مستقريهما، ودار بهما في الآخرة فقال:
(وما يستوي الأعمى) أي المسلوب حاسة البصر واستوى من الأفعال التي لا يكفي فيها واحد، فلو قلت استوى زيد لم يصح، فمن ثم لزم العطف على الفاعل، أو تعدده (والبصير) الذي له ملكة البصر فشبه الكافر بالأعمى وشبه المؤمن بالبصير، وقيل: مثل للجاهل والعالم.
(ولا) تستوي (الظلمات ولا النور) فشبه الباطل بالظلمات وشبه الحق بالنور، وقيل: إنما جمع الظلمات وأفرد النور لتعدد فنون الباطل، واتحاد الحق.
(ولا الظل ولا الحرور) بالفتح شدة حر الشمس وهو خلاف البرد يقال: حر اليوم والطعام يحر من باب تعب وحر حراً وحروراً من بابي ضرب وقعد لغة، والاسم: الحرارة، فهو حار وحرت النار تحر من باب تعب توقّدت واستعرت، والحرة بالفتح: أرض ذات حجارة سود والجمع حرار مثل كلبة وكلاب، والحرور على وزن رسول: الريح الحارة. قال الأخفش: لا يكون الحرور إلا مع شمس النهار، والسموم يكون بالليل، وقيل: عكسه. وقال رؤبة بن العجاج: الحرور يكون بالليل خاصة والسموم يكون بالنهار خاصة


الصفحة التالية
Icon