وقال الفراء: السموم لا يكون إلا بالنهار والحرور يكون فيهما. قال النحاس: وهذا أصح، وقال قطرب: الحرور: الحر، والظل: البرد، والمعنى أنه لا يستوي الظل الذي لا حر فيه ولا أذى، والحر الذي يؤذي قيل: أراد الثواب والعقاب، وسمي الحر حروراً مبالغة في شدة الحر، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى. وقال الكلبي: أراد بالظل الجنة، وبالحرور النار. وقال عطاء: يعني ظل الليل وشمس النهار ثم ذكر سبحانه تمثيلاً آخر للمؤمن والكافر، وهو أبلغ من الأول فقال:
(وما يستوي الأحياء ولا الأموات) فشبه المؤمنين بالأحياء وشبه الكافرين بالأموات وهو أبلغ من الأول لكمال التنافي بين الحي والميت، ولذلك أعيد الفعل، وأما التنافي بين الأعمى والبصير فليس تاماً لإمكان اشتراكهما في كثير من الإدراكات.
وقال ابن قتيبة: الأحياء العقلاء والأموات الجهال. قال قتادة هذه كلها أمثال أي: كما لا تستوي هذه الأشياء كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، وقد زيدت (لا) في المواضع الثلاثة خمس مرات اثنتين في الأولى واثنتين في الثانية وواحدة في الثالثة. والكل لتأكيد نفي الاستواء فالزيادة شاملة لأصل زيادتهما كالأولى من الجملة الأولى ولتكريرها كالثانية منها.
(إن الله يسمع من يشاء) أن يسمعه من أوليائه الذين خلقهم لجنته، ووفقهم لطاعته، وهذا شروع في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم. وتنتهي بقوله: فكيف كان نكير. والمراد من قوله: يسمع بها ويوصل من شاء وصوله وهدايته فيحييه بالإيمان.
(وما أنت بمسمع من في القبور) يعني الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم، أي كما لا يسمع من مات كذلك لا يسمع من مات قلبه. قرىء: بتنوين مسمع وقطعه عن الإضافة وبإضافته.


الصفحة التالية
Icon